الاسفنجة - الازهر الزناد

: عن الكتاب

بقلم: محمّد عيسى المؤدّب كيف يمكن للإسفنجة أن تصوغ تصوّرا آخر في علاقة الغرب بالشّرق أو في علاقة الغالب بالمغلوب؟ ولنا أن نسأل أيضا: أيّ ريح أتت بهذه الإسفنجة العجيبة؟ نحن في عوالم روائيّة إسفنجيّة فيها المتعيّن والمتخفّي، والمعلوم والمجهول، والمرئيّ واللّامرئيّ، والمألوف والمدهش. بل نحن في مستودع الأسرار بأمكنته وأزمنته ورموزه وأساطيره وطقوسه وقيمه وأسئلته. ونحن أيضا في عالم الأنثى الذي لم تفكّ شفراته منذ آدم، في عالم الدّهاليز الّذي يفتح أمامنا الأبواب لنتشرّد في أبواب أخرى. للإسفنجة ديناميّة تخييليّة تتيح لنا واقعا نراه ونتفاعل مع أصواته وروائحه وألوانه، ولاواقعا يستبدّ بأفكارنا ويفخّخ ما سيأتي لنطرح الأسئلة: من نحن في متحوّلات هذا العالم؟ وهل أنّ الغرب الذي يسوّق للحريّة والدّيمقراطيّة في بلدان العالم الثّالث يمارسها داخل أنظمته بمفاهيمها الإنسانيّة أم هو يتعاطى معها بشكل انتقائيّ وانتهازيّ؟ في الإسفنجة يحضر الفضاء الواقعيّ والحميميّ في تونس العاصمة وفي باريس وشاتورو، والفضاء الإستيهامي العجائبي الذي يطوّح بنا في أرض مدهشة، نِصْفها أشواق ونِصْفها كوابيس. يغوص الأزهر الزنّاد في البحار مزوّدا بكلّ أجهزة الغطس لا ليصطاد لنا إسفنجة تموت وتتعفّن ما إن تستنشق الهواء. إنّه يغوص بذاكرة مثقلة بالهموم والانتظارات ليسرد لنا تفاصيل الإنسان الثّائر. وفي تلك الدّهاليز لا يمكن إلاّ أن نعود إلى هويّتنا وتاريخنا وحضارتنا وأزقّتنا الخلفيّة لنتأمّل ونفكّر أكثر. تصلح الإسفنجة للتّجفيف ولكنّها تصلح أكثر للارتواء والامتلاء، كطائر الفينيق تنهض، ومن عطشها الفكريّ والمعرفيّ تفتح شرفاتها. كذلك هي نظريّة انصهار الغالب في المغلوب الّتي تأتي بها الإسفنجة العجيبة، فترتجّ لها الأمكنة، ويحدث عند الغرب ما يشبه الزّلزال.

: عن المألف

الأزهر زناد هو كاتب وباحث أكاديمي تونسي في مجال اللسانيات العرفنية والترجمة، يُعَدُّ من أبرز الشخصيات الأدبية والعلمية في تونس والعالم العربي. وُلد الأزهر زناد في تونس، حيث تلقى تعليمه الجامعي في جامعة تونس وجامعة منوبة. قام بإتمام درجة الدكتوراه في عام 1998 برسالته التي تناولت "المعجم في اللغة العربية، تولده وعلاقته بالتركيب" من جامعة منوبة.

تتميز مسيرته الأكاديمية بالعديد من المناصب والتحصيل العلمي المهم، حيث عمل كمدرس في المدارس الثانوية بوزارة التربية والتعليم في الفترة من 1982 إلى 1983. ومن ثم أصبح مساعدًا في كلية الآداب والفنون والآداب الإنسانية (FLAH) في جامعة منوبة في الفترة من 1986 إلى 1984. وقد شغل منصب رئيس المؤتمرات في نفس الكلية من 2002 إلى 1998.

تعمل حاليًا الأزهر زناد كأستاذ جامعي في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والفنون والآداب الإنسانية في جامعة منوبة منذ عام 2002. وله دور ريادي كرئيس قسم اللسانيّات العرفنيّة واللّغة العربيّة في مجموعة البحث CLAL (اللغويات المعرفية واللغة العربية) التابعة للكلية. تتمحور اهتماماته البحثية والأكاديمية حول اللسانيات العرفنية والدراسات الترجمية، حيث يساهم بشكل فعّال في تطوير هذين المجالين من خلال مساهماته العلمية والأبحاث التي قدمها.

شارك الأزهر زناد في العديد من البرامج والمشاريع الأكاديمية المرموقة، بما في ذلك برنامج فولبرايت في قسم اللغويات بجامعة ماساتشوستس في أمهيرست في عام 2001. كما قام بزيارة والتعاون مع عدة جامعات عالمية مرموقة مثل جامعة كولورادو في بولدر وجامعة تكساس في أوستن وجامعة أريزونا في توكسون في الفترة من 1988 إلى 1989. وتمت زيارته كضيف في جامعة باريس الثامنة، مما أضاف إلى تجربته الأكاديمية الغنية والمتنوعة.

يعتبر الأزهر زناد أيضًا كاتبًا موهوبًا ومتنوعًا، حيث تشمل أعماله الأدبية دروس في البلاغة ورواية الأسفنجة، التي حازت على جائزة كتارا للرواية العربية في دورتها السادسة عام 2020 في فئة الروايات غير المنشورة. تنوع النتاج الأدبي للأزهر زناد بين الدراسات والأبحاث والترجمة وكتابة الروايات والشعر والمقالات. تتميز أعماله الأدبية بعمق الفكر وتنوع المواضيع التي يتناولها، حيث يستطيع ببراعة تحليل النصوص وتقديم الرؤى المتقدمة في العديد من المجالات.

اعترفت الجهات الأكاديمية والثقافية بإسهامات الأزهر زناد، حيث فاز بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في فرع "أبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية" في عام 2022. وقد تعتبر هذه الجائزة تكريمًا لإسهاماته الرائدة في تعزيز اللغة العربية ودراساتها العلمية.

باختصار، الأزهر زناد هو عالم متعدد المواهب، يتمتع بالقدرة على تقديم الإسهامات الأكاديمية المميزة في مجال اللسانيات العرفنية والترجمة، بالإضافة إلى كتابته المتنوعة والمبدعة في الأدب. يُعَدُّ من الأسماء المرموقة في البحث العلمي والأدبي في تونس والوطن العربي، ويحظى بتقدير واعتراف عالميين بمساهماته وإسهاماته المتميزة.