ابناء بورقيبة تاريخ التكفير في تونس 2 - شكري المبخوت

ابناء بورقيبة  تاريخ التكفير في تونس 2 - شكري المبخوت

المؤلف روائي وناقد أدبي أكاديمي تونسي، بين أبرز بحوثه اللغوية أعمال مثل “”إنشاء النفي” و”الاستدلال البلاغي”؛ وفي النقد الأدبي أصدر “سيرة الغائب” و”سيرة الآتي” و”أحفاد سارق النار” و”الزعيم وظلاله”. في السرد كانت روايته الأولى “الطلياني” قد فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية ـ دورة 2014، كما أصدر رواية ثانية بعنوان “باغندا”، والمجموعة القصصية “السيدة الرئيسة”. كتابه الجديد هذا هو الجزء الثاني من كتاب المبخوت “تاريخ التكفير في تونس”، ويتناول تكفير الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد، والأكاديمي محمد الشرفي، والفيلسوف والباحث يوسف الصديق. أمّا الجزء الأول فقد صدر السنة الماضية وتناول تكفير الشّيخ عبد العزيز الثّعالبي، والمصلح الاجتماعي والمفكّر الطّاهر الحدّاد، والرئيس الحبيب بورقيبة

هنا فقرات من استهلال الجزء الثاني

“وعلاوة على الجانب التوثيقيّ لهذه القضايا التي نسي أكثرها من عاصروها وشهدوها والأرجح أنّ الشباب التونسي اليوم لم يسمع بها فإننا نسعى إلى ما هو أبعد من التوثيق على أهميته. فمقصدنا الأساسي أن نبرهن مرّة أخرى على أنّ “جريمة التكفير” جريمة وهمية لا ضحيّة بيّنة فيها وإن على نحو مباشر، بل التكفير ذو أساس سياسيّ أكثر منه دينياً وما الخلط المتعمد بين المظهرين إلا مظهر من مميزات فعل التكفير نفسه لتصفية الخصوم الإيديولوجيين. وينضاف إلى ذلك ضرب من المحافظة التي تسعى إلى إدامة احتكار قوى دينية محافظة ورجعية التكلّم باسم الخالق ووضع اليد على المعنى الدينيّ. ومن ثمة تبرز الرغبة لديها في منع التأويلات المختلفة وتعطيل النقاش العمومي حول مسائل تتعلق بالدين من بعض جوانبه وتفاصيله تغيرت النظرة إليها في عصرنا الراهن

ورغم هذا البعد السياسي الثاوي وراء التكفير فإننا لا ننفي ارتباطه بالدين والمقدسات وبتحوّلات المشهد الثقافي والديني في تونس منذ الاستقلال. لذلك سنركز في قسم من هذا الكتاب على إبراز هذه التحولات في المشهد الدينيّ في فترتي حكم بورقيبة وبن علي. وما الجمع بين الفتلارتين إلا لما بينهما من ترابط متين سواء في التأسيسي لاسلوب في التعامل مع المسألة الدينية أو في بروز هؤلاء الفاعلين الذين اعتبرناهم أبناء لبورقيبة الحداثي المتنوّر صاحب الموقف المختلف من التراث الرمزي والدينيّ وظهور المعارضين له