رسائل تونسية - العفيف الاخضر

رغم غيابه الجسدي مازالت روح العفيف الاخضر وأفكاره النيرة ووطنيته الخالصة تملا فضاء تونس ولعل كتابه "رسائل تونسية" أفضل ما يلخص الفكر السياسي للعفيف وارتباطه العميق بالأرض التونسية

منذ ان تخلى على الفكر الشيوعي في أواخر السبعينات لم يعرف للمرحوم العفيف الاخضر اهتمامات سياسية مباشرة لكنه اضطر بعد اللحظة التاريخية الفارقة المعروفة ب" ثورة 14 جانفي "ان يغمس قلمه في الهم التونسي بشكل مباشر وقد جمعت دار الجمل في ألمانيا خلاصة فكره السياسي في كتاب بعنوان "رسائل تونسية " وجمعت فيه الدار مجموعة من مقالاته التي نشرها في موقع الحوار المتمدن بين 2011 و2013 قبل ان يغيبه الموت

الفكرة الاساسية للكتاب والخيط الرابط بين كل مقالاته هي الدفاع على الدولة التونسية ومقاومة الفكر الظلامي والتصدي للهجمة الثورجية وتخريب مكاسب ومنجزات دولة الاستقلال والدعوة الى الإصلاح وفضح مشروع النهضة في افغنة المجتمع التونسي وتشجيع ثقافة " الإرهاب " والعنف عبر الدعوة الى " الجهاد " وتكفير المختلفين وذلك عبر الدفاع على استقلالية القضاء الامن والجيش وإعادة الاعتبار للتربية والتعليم والثقافة

الكتاب يعبر على هواجس مثقف تونسي عاش حياته خارج البلاد واختار ان يكون منشقا فكريا وسياسيا وبعيدا على نظامي بورقيبة وبن علي لكنه حين رأى بلاده تضيع ومنجزاتها تخرب بأيدي أبناءها باسم " ثورة وهمية

في هذا الكتاب يحلل العفيف الاخضر خطاب حركة النهضة ويعتبر ان مشروعها الحقيقي هو إقامة الدولة الدينية مشككا في خطابها السياسي وقد سماها ب" حزب الانتقام " داعيا الى المصالحة الوطنية والكف على شيطنة العهد السابق والقطع مع الخطاب الثورجي والتوجه نحو بناء تونس

كما يتضمن الكتاب دعوة الباجي قاءد السبسي الى بناء حزب لانقاذ تونس وقد صدر هذا المقال في 1 ديسمبر 2011 معتبرا ان قاءد السبسي هو الوحيد القادر على إنقاذ تونس من الهاوية وذلك قبل تأسيس الحزب ويلخص الاخضر طريقة إنقاذ تونس بمطلبين أساسيين هما مطلب المصالحة الوطنية الشاملة والفورية التي ينبغي على الحزب المأمول آنذاك ان يرفعها ومطلب توسيع قاعدة النظام الاجتماعية بدمج النخب الجديدة فيه لتشارك في صنع القرار وفي السلطة والثورة 

في الكتاب يتهم العفيف الاخضر اليمين الديني ممثلا في حركة النهضة وحلفاءها السلفيين بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية على الاغتيالات التي حدثت في تونس مستشهدا بدعوة ممثل حركة النهضة في المجلس الوطني التاسيسي بإطلاق سراح قتلة لطفي نقض ويختتم الكتاب باخر مقال كتبه العفيف قبل موته بأيام ونشر بتاريخ 27 جوان 2013 ( توفي في 25 جويلية ) وفيه دعوة الى تحالف عسكري تونسي جزاءري لمقاومة الإرهاب وتعرض فيه الى التحويرات في الموءسسة العسكرية التي قال انها تخدم حركة النهضة وتمت بتدبير منها وتنفيذ الرءيس الموءقت المرزوقي

رساءل تونسية صرخة مثقف تونسي في لحظة فارقة يرى بلاده تضيع وتغرق في الخراب والفوضى والانهيار انها رساءل من القلب وستبقى شاهدة على حكمة مفكر لم ينساق وراء الثورجيين والغوغاء كما فعل عدد من المثقفين الذين تعاملوا مع حدث 14 جانفي دون قراءة عميقة في أسبابه وحقيقته وأبعاده