الشمائل جمع شميلة ، وتعني الأخلاق والطباع والخصال ، حيث يقال رجل كريم الشمائل ، أي كريم الأخلاق ويتمتع بصفات حسنة ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الجامع للشمائل التي حث عليها الإسلام
رحمة النب
قال الله عز وجل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) فيقوم الإسلام على الرحمة سواء في الأصول أم الفروع ، وكان محمد أرحم الخلق ، حتى أن رحمته أصابت الحيوانات ، وتدل الآية السابقة على أن الرسول قد أرسل ليكون رحمة لكل الناس وليس فقط للمؤمنين ، ويفسر ذلك بما قد تحدث به ابن عباس رضي الله عنه (من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يُبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف)، ومن أبرز المشاهد التي تدل على رحمة النبي مداعبته للصغار وملاعبتهم وتقبيله لهم
صبر وحلم النبي
يعد الحلم صفة عليا من صفات الله عز وجل ، والدليل على ذلك قوله : (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)، والحلم أيضا أحد صفات الأنبياء عليهم السلام أجمعين ، فقال الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام : (إِنَّ إِبراهيمَ لَأَوّاهٌ حَليمٌ) ، كما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يمتثل الحلم في مواقف كثيرة خلال دعوته ، مثلما حدث في غزوة أحد عندما كسرت رباعيته ، وجرح وجهه ، فغضب الصحابة رضي الله عنهم، حتى قيل للرسول ادعُ على المشركين، فأجاب الرسول قائلاً: (إني لم أُبعَثْ لعَّانًا . وإنما بُعِثتُ رحمةً) ، وهناك مواقف أخرى تشهد على حلم النبي مثلما حدث معه عندما ذهب ليبلغ الدعوة لأهل الطائف، فشتموه، وسخروا منه، وجعلوا السفهاء يرشقونه بالحجارة، فصبر عليهم وتحمل منهم الأذى، ودعا الله لهم، رغم أن الله تعالى أرسل إليه جبريل وملك الجبال ليأمرهما النبي بما يشاء، إلا أنه رفض ذلك، وظل صابراً حليماً آملاً بهدايتهم
تواضع النبي
لقد كان النبي عليه الصلاة والسلام متواضعاً في نفسه، وكان يأخذ رأي الصحابة رضي الله عنهم ويشاورهم في الأمور، ومما يدل على تواضعه ما كان من النبي يوم غزوة الخندق، عندما أخذ برأي سلمان الفارسي، وحفر الخندق، كما أنه شارك الصحابة في حفره، وفي غزوة بدر أخذ الرسول عليه الصلاة والسلام برأي الحباب بن المنذر بوقوف المسلمين إلى الأمام من مياه بدر، ليمنع المشركين منها، وكان النبي يعمل برعي الأغنام، ودليل ذلك ما رواه عنه الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: (ما بعثَ اللَّهُ نبيًّا إلَّا راعيَ غنَمٍ، قالَ لَهُ أصحابُهُ : وأنتَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ : وأَنا كُنتُ أرعاها لأَهْلِ مَكَّةَ بالقَراريط ) فرعي الأغنام يربي النفوس على التواضع والذل لله تعالى، والصبر والتحمل
حياء النبي
نجد أن الله تعالى وصف حياء النبي عليه الصلاة والسلام قائلاً: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّـهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ)، ونزلت الآية في حادثة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من زينب بنت جحش رضي الله عنها، عندما دعا الرسول قوم فأكلوا، وبقوا ثلاثة منهم جالسين، ولم يذهبوا رغم أن النبي قام من المجلس، وعاد النبي ورآهم جلوس، فذهب، وبعد ذلك قام الثلاثة من المجلس، وبعد ذلك دخل النبي وأنزل الله تعالى عليه الآية المذكورة آنفاً، فحياء النبي تمثل بعدم التحدث إلى الثلاثة ليذهبوا من المجلس
الشفا بتعريف حقوق المصطفى، كتاب في شمائل النبي محمد، كتبه القاضي عياض، يُعدّ من أحسن الكتب المعرّفة بالنبي محمد، قال فيه أهل العلم لما قرؤوه: «لولا الشفا لما عُرف المصطفى»، وقد اعتاد بعض علماء موريتانيا قراءته في شهر ربيع الأول في مجالسهم
قسمه مؤلفه إلى أربعة أقسام: الأول في تعظيم قدر النبي قولًا وفعلًا، والقسم الثاني فيما يجب على العباد من حقوقه عليه، والقسم الثالث فيما يستحيل في حقه، وما يجوز، وما يمتنع، وما يصح، والقسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام على من تَنَقَّصه أو سَبَّه
القاضي عياض
المؤلف كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم ط دار الحديث والمؤلف لـ 22 كتب أخرى
أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض السبتي اليحصبي (476 هـ - 544 هـ / 1083م - 1149م). قاض مالكي. العلامة والفقية المؤرخ الذي كان من بين الناس العارفين بعلوم عصره
حياته
كان أسلاف القاضي عياض قد نزلوا مدينة "بسطة" الأندلسية من نواحي "غرناطة" واستقروا بها، ثم انتقلوا إلى مدينة فاس المغربية، ثم غادرها جده "عمرون" إلى مدينة سبتة حوالي سنة (373 هـ / 893م)، واشتهرت أسرته بـسبتة؛ لما عُرف عنها من تقوى وصلاح، وشهدت هذه المدينة مولد عياض في (15 شعبان 476 هـ / 28 ديسمبر 1083م)، ونشأ بها وتعلم، وتتلمذ على شيوخها. جلس للمناظرة وله نحو ثمان وعشرين سنة. وولي القضاء وله خمس وثلاثون، حتى وصل إلى قضاء سبتة ثم غرناطة، فذاع صيته وحمد الناس سيرته.
الرحلة في طلب العلم
رحل عياض إلى الأندلس سنة 507 هـ /1113 م طلبًا لسماع الحديث وتحقيق الروايات، وطاف بحواضر الأندلس التي كانت تفخر بشيوخها وأعلامها في الفقه والحديث؛ فنزل قرطبة أول ما نزل، وأخذ عن شيوخها المعروفين كـ"ابن عتاب"، و"ابن الحاج"، و"ابن رشد"، و"أبي الحسين بن سراج" وغيرهم، ثم رحل إلى "مرسية" سنة 508 هـ / 1114 م، والتقى بأبي علي الحسين بن محمد الصدفي، وكان حافظًا متقنًا حجة في عصره، فلازمه، وسمع عليه الصحيحين البخاري ومسلم، وأجازه بجميع مروياته. اكتفى عياض بما حصله في رحلته إلى الأندلس، ولم يلبث أن رحل إلى المشرق مثلما يفعل غيره من طلاب العلم، وفي هذا إشارة إلى ازدهار الحركة العلمية في الأندلس وظهور عدد كبير من علمائها في ميادين الثقافة العربية والإسلامية، يناظرون في سعة علمهم ونبوغهم علماء المشرق المعروفين. عاد عياض إلى "سبتة" غزير العلم، جامعًا معارف واسعة؛ فاتجهت إليه الأنظار، والتفَّ حوله طلاب العلم وطلاب الفتوى، وكانت عودته في (7 من جمادى الآخرة 508 هـ == 9 من أكتوبر 1114 م)، وجلس للتدريس وهو في الثانية والثلاثين من عمره، ثم تقلد منصب القضاء في "سبتة" سنة (515 هـ = 1121 م) وظل في منصبه ستة عشر عامًا، كان موضع تقدير الناس وإجلالهم له، ثم تولى قضاء "غرناطة" سنة (531 هـ = 1136 م) وأقام بها مدة، ثم عاد إلى "سبتة" مرة أخرى ليتولى قضاءها سنة (539 هـ == 1144 م)
- دار النشر
- المكتبة العصرية صيدا بيروت
- المؤلف
- أبي الفضل عياض اليحصبي
- سنة النشر
- م1440/2019هـ
- عدد الصفحات
- 414 صفحة
- القياس
- 17/24 سم
- نوع الغلاف
- كرتون مقوّى سيلوفان
- الطبعة
- الأولى
- نوع الورق
- ورق أبيض فاخر